زائر زائر
| موضوع: فتاوى 2008-05-29, 7:56 pm | |
| فتاوى : هل الثواب في مساجد مكة كالثواب في حرم الكعبة ؟ من المجلس الاسلامي للافتاء 29/05/2008 06:38:42 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : أولاً وقبل كل شيء لا بد من تعريف ( بالمسجد الحرام ) في اصطلاح العلماء , قال ابن حجر : قد يراد به مكة كلها مع الحرم حولها , وقد يراد به الكعبة فقط , وقد يختص بالموضع الذي يصلى فيه دون البيوت وغيرها من أجزاء الحرم , قال الطبري ويتأيد بقوله : ( مسجدي هذا ) لأن الإشارة فيه إلى مسجد الجماعة . [ فتح الباري 3/64 ] . وسمي المسجد حراماً لأنه لا يحل انتهاكه فلا يصاد عنده ولا حوله . قال العلماء : وأريد بتحريم البيت سائر الحرم . [ المطلع على أبواب المقنع ص158 ] . وخلاصة المسألة قولان عند العلماء : الفريق الأول : يرى أن المضاعفة تختص بالمسجد الحرام الذي حول الكعبة , وأن مضاعفة المائة ألف صلاة إنما يكون ذلك لمن صلى في المسجد المحيط بالكعبة ... وهو قول الحنابلة وابن مفلح . [ تحفة الراكع والساجد ص30 ] . وذلك لما في صحيح مسلم عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن المسجد النبوي : ( صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة ) . ولما أخرجه البزار وحسّن إسناده من حديث أبي الدرداء مرفوعاً : ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة , والصلاة في مسجدي بألف صلاة , والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة ) . فالصلاة في المسجد الحرام – أعني المسجد الذي فيه الكعبة – أفضل من مائة ألف صلاة وإنما يختص هذا الفضل في المسجد الذي فيه الكعبة دون غيره من مساجد مكة وبقاعها لأن الله تعالى قال في كتابه : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } . وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحجر الذي هو جزء من الكعبة . وهذا نص صريح على أن مساجد مكة لا تضاعف فيها الصلاة كما تضاعف في المسجد الحرام وإن كانت الصلاة في مساجد مكة او في الحرام كله أفضل من الصلاة في الحل لكن مائة ألف صلاة لا تكون إلا في المسجد الذي فيه الكعبة فقط . فخص النبي صلى الله عليه وسلم في الفضل ( مسجد الكعبة ) , ومن المعلوم أن المساجد في مكة ليست هي مساجد الكعبة إنما هي مساجد في الحرم , نعم الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في الحل بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزل في الحديبية وبعضها من الحل وبعضها من الحرم صار نازلاً في الحل إلا أنه يصلي داخل حدود الحرم , وهذا يدل على إن الصلاة داخل حدود الحرم أفضل من الصلاة في الحل , وهذا أمر لا شك فيه , لكن المضاعفة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إلا مسجد الكعبة ) فلا نتجاوز ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم . الفريق الثاني : يرى أن ( المسجد الحرام ) يعم جميع الحرم , وإن كان للصلاة فيما حول الكعبة ميزة وفضل لكثرة الجماعة , وأن المساجد في مكة يحصل لمن صلى فيها التضعيف الوارد في الحديث , وإن كان ذلك قد يكون دون من صلى في المسجد الحرام الذي حول الكعبة ؛ لكثرة الجمع وقربه من الكعبة , ومشاهدته إياها , ولكن ذلك لا يمنع من كون جميع بقاع مكة كلها تسمى المسجد الحرام , وكلها يحصل فيها المضاعفة إن شاء الله . وإلى هذا ذهب الحنفية في المشهور , والمالكية , والشافعية . [ حاشية ابن عابدين 2/188 , شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ص30 , إعلام الساجد بأحكام المساجد ص119 , سبل السلام للصنعاني 2/217 ] . قال تعالى : { كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } . [ التوبة : 7 ] . وذلك أن عقد الهدنة والصلح تم في الحديبية وقد سماها الله تعالى { المسجد الحرام } . أنظر : [ تفسير الطبري 10/63 , تفسير ابن كثير 2/338 , تفسير الجلالين 1/241 ] . وفي حديث : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... ) ما رواه الطيالسي من طريق عطاء أنه قيل له : هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم ؟ قال : بل في الحرم لأنه كله مسجد . [ فتح الباري 3/64 ] . وقال النووي : ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم دون ما يزيد فيه بعده لأن التضعيف إنما ورد في مسجده وقد أكده بقوله : ( مسجدي هذا ) , بخلاف مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة, بل صحح النووي أنه يعم الحرم.[ شرح الزرقاني 2/3 ]. ويبقى السؤال : هل التفضيل للفرض والنفل ؟ يرى جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة أن التفضيل للفرض والنفل , فعلى هذا لو صلاة نافلة في مسجد المدينة كانت بألف صلاة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث وإذا صلاها في بيته كانت أفضل من ألف صلاه وهذا حكم المسجد الحرام . [ عون المعبود 3/256 ] . وذهب الطحاوي إلى أن التفضيل مختص بصلاة الفريضة . [ فتح الباري 3/68 ] . وإليه ذهب الفاسي المالكي وقال : وهو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة . [ تحفة الراكع والساجد ص30 ] . وابن عابدين , [ حاشية ابن عابدين 2/187 ] . القول الراجح : إن المضاعفة تختص بالمسجد الحرام الذي حول الكعبة , وأن مضاعفة المائة ألف صلاة إنما يكون ذلك لمن صلى في المسجد المحيط بالكعبة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إلا مسجد الكعبة ... ) , إلا إذا امتدت الصفوف خارج المسجد الحرام وإن وصلت المباني فإن مضاعفة المائة ألف صلاة تحصل لمن صلى في المسجد الحرام جماعة أو منفرداً , لأن النص جاء باللفظ العام ولم يرد ما يخصصه . أما إذا انقطعت الصفوف , وصلى خارج المسجد الحرام سواء صلى في المساجد أو في المباني فإنه يحصل فيها المضاعفة إن شاء الله , ولكن دون من صلى في المسجد الحرام الذي حول الكعبة ؛ لكثرة الجمع وقربه من الكعبة , ومشاهدته إياها , وكلها يحصل فيها . يقول الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين : إن المضاعفة بهذا المقدار تختص بالمسجد المحاط حول الكعبة , ويدخل في ذلك زياداته القديمة والجديدة , فإن الزيادة لها حكم المزيد , والذين قالوا إن مكة كلها تدخل في المسجد الحرام ترتب على قولهم تساهل الناس , فكثير منهم يصلون في شققهم وفي منازلهم معتقدين أن مكة كلها من المسجد الحرام , فيتركون الصلاة مع أئمة الحرم جمعة وجماعة ويصلون أفراداً أو جماعات في المنازل وتفوتهم الحكمة في الصلاة . وأن مسألة التفضيل أو المضاعفة ما ذهب إليه جمهور العلماء : أن التفضيل للفرض والنفل . وكما هو معلوم لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد وحصرها بعض العلماء في المساجد الثلاثة فهل يعتبر عاقل أن خارج المسجد أو الأبنية أو الأماكن السكنية في الحرم يصح فيها الاعتكاف ؟ [ سبل السلام 2/177 ] . ويلاحظ أن أهل العلم لم يعتبروا الانقطاع الذي يحصل في صفوف المصلين جماعة داخل حدود أو ساحات المسجد , انقطاعاً فاحشاً تبطل به الصلاة وإن كان تواصل الصفوف هو الأفضل , أما إذا قطع الصفوف شارع مرور من الإسفلت ومرور الحافلات أو نهر أو ما شابه ذلك ... يعتبر هذا الانقطاع انقطاعاً فاحشاً مبطلاً للصلاة . والله تعالى اعلم المجلس الإسلامي للإفتاء . |
|